إن من أجمل ما قيل في البكاء عند الوداع قول / الهازهير
فيـا رب لمـا أردت وداعـهـا حبيبي أحقا أنت بالبيـن فاجعـي
فيارب لا تصدق حديثـا سمعتـه لقد راع قلبي ما جرى من مدامعي
وقامت وراء الستر تبكي حزينـة وقـد نقبتـه بيننـا بالاصـابـع
بكـت فأرتنـي لؤلـؤا متناثـرا هوى ألفته من فصـول المقاطـع
فلمـا رأت ان الفـراق حقيـقـة وأنـي عليـه مـكـره طـائـع
تبدت فلا والله ما الشمس مثلهـا إذا أشرقت انوارها فـي المطالـع
تسلـم باليمنـى علـي إشـارة وتمسح باليسرى مجاري المدامع
ومابرحت تبكى وأبكـي صبابـة إلى أن تركنا الأرض ذات بدائـع
ستصبح تلك الأرض من عبراتنـا كثيرة خصب رائق النبـت رائـع
ويعمد الشعراء إلى القول عن البكاء بالدم بدلا من الدموع بقصد تشديد الوقع في النفس كقول /الصمة القشيري
بكت عيني اليسرى فلما زجرتها عن الجهل بعد الحلم أسبلتا معا
ويقولون أيضا عن الدمع بانه يجري من العين ولكن تخرج معه نفس الباكي أو روحه كقول / ديك الجن
ليس ذا الدمع دمع عيني ولكن هي نفـس تذيبهـا أنفاسـي
ومنه قول / ابن دريد
لا تحسبي دمعي تحـدر إنمـا روحي جرت في دمعي المتحدر
ومنه قول /ابوالقاسم بن العطار
وما أدمعي تنهل سحاً وإنمـا هي مهجتي سالت من الآماق
ومنه قول/ بشار
وليس الذي يجري من العين ماؤها ولكنهـا نفـس تـذوب فتقـطـر